الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب: المؤتمر العاشر للنّهضة من حزب ديني الى حزب مدني؟

نشر في  18 ماي 2016  (11:13)

قبل عقد هذا المؤتمر الذي سيحضره 1000 ضيف و13.000 منخرط,  أرى أنّ هناك أسئلة لابدّ من طرحها..
في البداية يبدو أنّ الانتقال بالنهضة من حزب ديني إلى حزب مدني له «مرجعيّته» قرار ايجابي لأنّ وجود حزب عقائدي مرتبط بالمنظّمة العالمية للاخوان المسلمين مرفوض في خارطتنا السياسيّة من الأغلبية الساحقة من التونسين  خاصة من نساء تونس ومجتمعها المدني ومثقّفيها ومبدعيها ونخبها.. لقد أثبتت الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانية الفارطة انّ أغلبية النّاخبين منحوا ثقتهم وبالتالي أصواتهم لمرشّحي الأحزاب المدنيّة أي 148 نائبا من جملة 217 بمن في ذلك ممثّلو حزب المرزوقي..
انّ الأرقام تترجم رفض عامة المجتمع التونسي لنظام حكومي يتحكّم فيه حزب عقائدي.. وتجدر الإشارة إلى انّ الولايات المتحدة وعددا من الحكومات الغربية صنفت الأحزاب الموالية للمنظّمة الإسلامية في خانة الأحزاب الارهابيّة.
وبما أنّ الفرصة مواتية أكثر من أيّ وقت مضى، يحقّ لنا أن نتساءل: هل يمكن بجرّة قلم تغيير عقلية ومعتقد وممارسات وتنظيم وتمويل وأهداف قيادات وقواعد حزب ما انفكّوا منذ سنوات يحاولون أسلمة شعب مسلم؟ انه من الصعب جدا ان تتغيّر القناعات والأهداف بمجرّد قرار لأنّ العقليات والعقيدة والممارسات ليست قطع غيار سيارة حتى ينبثق عن المؤتمر العاشر للنهضة حزب مدني ثمّ جمعية دعوية عقائديّة لا صلة لها ـ على الأقل روحيّة ـ بالنّهضة.. ماذا ستكون  «مرجعية» الحزب الجديد؟ هل هي مرجعية دينية أم هي مزيج من العقائدي والمدني وأي توازنات بينهما؟
ثمّ هل انّ اختيارات قيادات النهضة تكتيكيّة هدفها التأقلم مع رفض أغلبية المجتمع التونسي لحكومة دينيّة والانصياع لطلبات الحكومات الغربية, أم هو اختيار استراتيجي من شأنه أن يثبت انّ البعض من قياديي النهضة سيؤسّسون اسلاما سياسيا ديمقراطيا يقطع مع التشدّد والعنف والتكفير والارهاب؟ لو كان ذلك، لحقّقت النهضة منعرجا هامّا في الحياة السياسيّة للشّعوب العربيّة! انّ المسافة شاسعة بين نظرية الشيخ حسن البنّا المدمّرة والعنيفة ونظرية الأستاذ راشد الغنوشي .
وعلى العموم، فانّ المهم ليس التصريحات بل الممارسات لأنّ ما قدمته الاحزاب الدينية في الحقل السياسي كان مضادا للحريات والابداع واحترام «الآخر».. وما يكتبه أبو يعرب المرزوقي «الفيلسوف الظلامي» للتصدي للاختيارات الجديدة  للنّهضة يؤكّد انّ «أهل الكهف» والجهل السياسي مازالوا يرتعون داخل النهضة وخارجها!
وفضلا عن كلّ هذا، هل ستكون لـ«النهضة الجديدة» علاقات مختلفة مع المساجد والجمعيات الدّعوية أم انّها ستترك الحرّية للأيمّة حتى يكفّروا ويجيّشوا الشباب ويتهجّموا على المثقّفين ويساندوا حزبا ما قبل الانتخابات..، أمّ انّ القطيعة منتظرة بين حزب مدني وأيمّة أغلبهم تعوّدوا على التكفير وإشاعة الفكر الظلامي؟ لو اتضح انّ الحزب المدني على علاقة بالجمعيات الدعوية لأثبتت النهضة أن كلّ ما فعلته هو تغيير لـ«اللوك» فقط وانّها مازالت حزبا عقائديا، وهو أمر في منتهى الخطورة.
ثمّ ما هي علاقة «النهضة الجديدة» بالمبدعين وحرية الرأي وحرية الضّمير، علما انّ البعض من قياداتها لم تطمئن لهم النساء والمثقفون والمجتمع المدني.. وهل ستهتمّ بالملفّات الحياتية والمشاكل المصيرية والعلوم الدّقيقة وحرية المبدعين أم انّها ستنشغل بالقضايا السّاذجة التي تركز عليها بعض القنوات التلفزية العقائديّة المتضلّعة في تعميق الجهل وبثّ الفتنة والحقد والتكفير؟
ثم ما موقف «النهضة الجديدة» من العنف اللفظي والجسدي واغتيال الرموز السياسيين؟ بعد تغيير النظام كنا شهودا على مواقف وممارسات اجرامية، من الواجب القطع معها تماما.. وعلى أيّ نحو ستكون علاقات الحزب الجديد مع تركيا وقطر والعربية السعودية والمنظّمة العالمية للاخوان؟
 خلاصة القول: هل ستكون النهضة الجديدة حزبا تونسيا 100 ٪؟
انّ مشروع السيد راشد الغنوشي ومسانديه من أهمّ المشاريع المطروحة للنقاش في تونس وحتى في العالم العربي وطبعا لن تكون الخطب والتنظير والطروحات كافية بل سيكون الحكم على الأفعال والممارسة دون سواها، فلننتظر بحذر!